رئيسية المنتدى

ادعم الرحلات في الفيس بوك

الرحلات على تويتر

 
العودة   منتديات الرحلات > المـنـتـــديــــات الأســاســـية > رحلات أثرية والأطلال

 
 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-06-10, 08:15 PM   #1
سعد الماضي
 
افتراضي تصحيف المواضع ونباهة ابن بليهد " مقدمة لنقاش طويل "

في مساء يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة 1431 هجرية ، كنت والأخ محمد بن سيف في جولة إلى جنوب المملكة ، فمررنا بوادي الدواسر ، حيث كنا في ضيافة أخينا الأستاذ الفاضل سلطان بن مترك الخضاري في اللدام .
لقد كان لقاؤنا من أفضل اللقاءات التي ناقشنا فيها مواضيع بلدانية شتى ، فمن قول متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك :
فمجتمع الأسدام من حول شارع * فروّى جبال القريتين فضلفعا
ويروى بمجتمع الأشراج ..
إذا كان جبل شارع في أطراف هضب الدواسر من الغرب ، وضلفع جبلا قرب رنية فأين القريتان ؟
هكذا تساءل الأخ سلطان ! فقلت : ربما يكون اسم " القريتين " تصحيفا للقرنتين !
فقال : إذا كان تصحيفا فربما تكون القرنتان ملتقى الأودية ، أما مجتمع الأسدام فربما تكون الفرشة !
نقاش حول هذا يطول فأين منازل مالك ومتمم ابني نويرة وهما في صدر الإسلام ؟
وصف ينطبق على هذه الناحية الجنوبية من جزيرة العرب ، أو لنقل جنوب نجد ، وليس لتميم في صدر الإسلام موضع هناك فقد تركتها تميم قبل عقود طويلة لتحل في مناطق إلى الشمال منها بعيدا ، فهل شارع من أنقاء الدهناء التي يذكرها ذو الرمة التميمي وضلفع هو موقع الضلفعة في وسط القصيم ، وأن القريتان هما القريتان الواردتان في كتب البلدانيين شمال عنيزة واللتان كانتا من منازل طسم وجديس قبل حلول العرب العدنانية فيها " كما نستقرئ ذلك من معجم البكري " ؟
أو أنهما قرنتان أيضا ؟؟
لقد كان للأخ سلطان موقف المبادرة حين قال : إن امرأ القيس قال :
خرجنا نريغ الوحش بين ثعالة * وبين رحيّاتٍ إلى فج أخرب
ولذا فإن رحيات وأخرب موجودة بيننا وبين نجران ، وأما ثعالة فلم أجدها !
فقلت له : ستجدها بإذن الله مع العزيمة والقرائن ..
تطرقنا بعدها إلى منازل امرئ القيس وأين مواضع قوله : بسقط اللوى بين الدخول فحومل ؟ فقال أبو سيف : إنها في مواضعها التي عهدناها وليست في الدهناء ، ودليلي على ذلك أن قرية ذات كهل " الفاو " هي موطن جد امرئ القيس فكيف له أن يفرق أبناءه في العرب وهم لا يأوون إلى ركن شديد من المُلك ! فلو كانوا بدوًا رُحّلا يتتبعون الغيث حيث سقط فسوف لن يكون لهم هيبة في قلوب العرب ولن يفصلوا بين القبائل العدنانية ..
قلت : نعم ، ويدلك على هذا قول عبيد بن الأبرص :
لمن الديار بصاحةٍ فحروسِ * درست من الإقواء أيّ دروسِ
وحروس جانب من هضب الظيرين أو هو كله ، وهو ممن صحب حجرا أبا امرئ القيس .
نشأ تساؤل حول ذكر امرئ القيس ديارا في الشمال في آخر معلقته منها قطن ويذبل وصحراء الغبيط وأبان وتيماء ، فقلت للإخوة :
لقد حاولت أن أعرض هذا الوصف على الخريطة الجغرافية في النصف الجنوبي من جزيرة العرب بحيث نرى يذبلا " صبحا " وقطنًا " وهو واد جنوب غربي يدمة في منطقة نجران " وأبانًا " ربما جبال البان في منطقة نجران " وهو جبل قريب من هضبة حلبان شمال نجران وربما انطبق عليهما المثل العامي ( كبر أبان وحلبان ) والذي لا يمكن تطبيقه على أبان القصيم وحلبان وسط نجد ، وهل يكون هذا الوادي جنوبيا كوادي الدواسر أو أن يكون الوادي شماليا منه وهو وادي الركاء فمن أين لنا بقية الأسماء التي وردت علما بأن تميم بن مقبل العجلاني رحمه الله ذكر مواطن جنوبية حول الركاء وجنوبا منه بعيدا فقال :
كَبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ يُوَحْوِحُ فَوْقَهَا * هِجَفَّانِ مُرْتَاعَا الضُّحَى وَحدَانِ
أَحَسَّا حَسِيساً مِنْ سِبَاعٍ وطَائِفٍ * فَلاَ وَخْدَ إِلاَّ دُونَ مَا يَخِدَانِ
يَكَادَانِ بَيْنَ الدَّوْنَكَيْنِ وأَلْوَةٍ * وذَاتِ القَتَادِ السُّمْرِ يَنْسَلِخَانِ
عَشِيَّةَ قَالَتْ لِي وقَالَتْ لِصَاحِبِي * بِبُرْقَةِ مَلْحُوبٍ أَلاَ تَلِجَانِ
فَلَمَّا وَلَجْنَا أَمْكَنَتْ مِنْ عِنَانِهَا * وأَمْسَكْتُ عَنْ بَعْضِ الخِلاَطِ عِنَانِي
تَأَمَّلْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ * تَحَمَّلْنَ بِالْعَلْيَاءِ فَوْقَ إِطَانِ
فَقَالَ أَرَاهَا بَيْنَ تِبْرَاكَ مَوْهِناً * وطِلْحَامَ إِذْ عِلْمُ البِلاَدِ هَدَانِي
وقال :
تَأَمَّلْ خَلِيليَ هَلْ تَرَى ضَوْءَ بَارِقٍ * يَمَانٍ مَرَتْهُ رِيحُ نَجْدٍ فَفَتَّرَا
مَرَتْهُ الصَّبَا بِالغَوْرِ غَوْرِ تِهَامَةٍ * فَلَمَّا وَنَتْ عَنْهُ بِشَعْفَيْنِ أَمْطَرَا
يَمَانِيَةٌ تَمْرِي الرَّبَابَ كَأَنَّهُ * رِئَالُ نَعَامٍ بَيْضُهُ قَدْ تَكَسَّرَا
وطَبَّقَ لَوْذَانَ القَبَائِلِ بَعْدَمَا * سَقَى الجِزْعَ مِنْ لوْذَانَ صَفْواً وأَكْدَرَا
فَأَمْسَى يَحُطُّ المُعْصِمَاتِ حَبِيُّهُ * وأَصْبَحَ زَيَّافَ الغَمَامَةِ أَقْمَرَا
كَأَنَّ بِهِ بَيْنَ الطَّرَاةِ ورَهْوَةٍ * ونَاصِفَةِ الضَّبْعَيْنِ غَاباً مُسَعَّرَا
فَغَادَرَ مَلْحُوباً تُمَشِّي ضِبَابُهُ * عَبَاهيلَ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا المَاءُ مَحْجَرا
أَقَامَ بِشُطَّانِ الرِّكَاءِ ورَاكِسٍ * إِذَا غَرِقَ ابْنُ المَاءِ في الوَبْلِ بَرْبَرَا
أَصَاخَتْ لَهُ فدْرُ اليَمَامَةِ بَعْدَمَا * تَدَثَّرَهَا مِنْ وَبْلِهِ مَا تَدَثَّرَا
أَنَاخَ بِرَمْلِ الكَوْمَحَيْن إِنَاخَةَ الــ يَمَانِي قِلاَصاً حَطَّ عَنْهُنَّ أَكْوُرَا
أجِدِّي أَرَى هذَا الزَّمَانَ تَغَيَّرا * وبَطنَ الرِّكَاءِ مِنْ مَوَالِيَّ أَقْفَرَا
وكَائِنْ تَرَى مِنْ مَنْهَلٍ بَادَ أَهْلُهُ * وعِيدَ عَلَى مَعْرُوفِهِ فَتَنَكَّرَا
أَتَاهُ قَطَا الأَجْبَابِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * فَنَقَّرَ في أَعْطَانِهِ ثُمَّ طَيَّرَا
لقد دب في قلبي اليأس من التحقق من مصداقية امرئ القيس في آخر معلقته ، حتى خرجت في رحلة جميلة نحو المدينة النبوية ثم البعائث صحبة الأخ الأستاذ الفاضل سعد بن عبد العزيز اليُحيّان ، فقال لي : ألا ترى كيف جمع امرؤ القيس بين الدخول وحومل وبين تيماء وقطن في قصيدة واحدة ؟ ألم يستوقفك هذا ؟ قلت : بلى قد استوقفني ! فقال : أتعلم أن الرواة قالوا إن أول القصيدة منحول على امرئ القيس من قصيدة لامرئ القيس بن حُمام الكلبي ؟ قلت : نعم ! قال : لم يأت هذا القول من فراغ ، ولكني أرى أن المنحول عليه من قصيدة سميِّهِ الكلبي هو القسم الذي وصف فيه بلادا قريبة من ديار كلب القضاعية .
لا أطيل الحديث على القارئ ولكني أذكر في التصحيف موضوعا أخبرت به الأخ سلطان وهو من أسوأ التصحيفات ، ( والتصحيف هو تغيير نقاط بعض الحروف أو استبدال بعض الحروف بأخرى مشابهة لها في الرسم مثل الراء والدال ، والراء والواو ) ، فقلت له : كيف تحلل هذه الجملة " قنينات بِقِفارِ خُرْجانَ " ؟ ولمّا لم يُرد أن يطيل في تقليبها على كثير من الأوجه اختصرت له الكلام وقلت : لقد ذكرها الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في مجلة العرب في سنيها الأوَل في معرض حديثه عن الربذة ولم يعلق عليها ، وصحة الجملة هي " بِقَفَا رَحْرَحانَ " .
اليوم كنت أبحث عما قال الشيخ محمد بن بليهد رحمه الله رحمة واسعة ، في حديثه عن جبل الأوشال ، فنظرت في الفهرس فوجدت مادة " الأفاهيد " فوجدتها في الصفحة 35 من الجزء الرابع من " صحيح الأخبار " فهالني ما قرأت من سعة اطلاع ابن بليهد في المكان الذي وقع فيه التصحيف الآنف الذكر – علما بأنه لم يصحح التصحيف ، فالمصادر في وقته شحيحة – وأنقل ما قاله :
" قال ياقوت ( الأفاهيد ) ... قال ابن السكيت الأفاهيد قنينات بُلق بقِفارِ خُرْجان على موطئ طريق الربذة من النخل ... قال كثيّر :
نظرت إليها وهي تحدى عشية * فأتبعتهم طرفيّ حيث تيمما
ترُوع بأكناف الأفاهيد عيرها * نعاما وحِقبا بالفدافد صُيّما
ظعائن يشفين السقيم من الجوى * به ويُخبّلن الصحيح المسلما
قال المؤلف ( الأفاهيد ) أعرف هضبة صغيرة قريب رحرحان يقال لتلك الهضبة الفهيدة ولا تكون إلا من الأفاهيد لأن ياقوت ذكرها قريب الربذة ولا تبعد عن النخيل وهو النخل المذكور تحمل هذا الاسم إلى هذا العهد .
لعلي لم أطل عليكم ، وأرجو من الله العون والتوفيق في عرض مقدمة كتاب البكري للنقاش مع الأعضاء الكرام حول منازل العرب القديمة .
والله يحفظكم ويكلؤكم بعنايته .








التوقيع
في علم البلدان ، أمور تجر إلى الخطأ :



1- محاولة السبق إلى تحقيق المكان .


2- تبرير ما استقر في الذهن .


3- تحقيق الموضع بغير نسبته إلى مكان لا جدال فيه .


4- الخوف البالغ من الخطأ .

التعديل الأخير تم بواسطة سعد الماضي ; 06-06-10 الساعة 09:22 PM
  رد مع اقتباس
 
مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
 
هلا ديزاين