اتحدث مع نفسي في يومٍ من الأيام و يناقشني بكل حماس و معنويات مرتفعه . . .
فقال لي : يا عاشق لماذا الطعن من الأقارب و التجريح من الصديق و الإهانة من الغريب . . .
توقفت قليلاً لأفكر في كلامه الذي وضعني في قفص الإتهام إذا لم أعطيه
إجابات شافيه لتساؤلاته المتكرره و التي فتحت في داخلي صفحات قديمه و جارحه جداً . . .
فقلت له : يا نفسي الداخلي لماذا تبحث عن أمور خارجة عن المفهوم العقلي و الإدراكي للإنسان ، و التي لا يستطيع العقل إستيعابها . . .
فقال لي كلمة واحدة لا رجعة فيها : أنااااااااااا لـــهـــــا يــــ عاشق و لا تهتم لقوة الأمر . . .
فقلت له :
في حياتنا بني بشر مرتبطون بنا إرتباطاً و ثيقاً من أهل و أقارب و غيرهم الذين لهم صلة قرابة بك و تشاهدهم في أغلب الأيام على مدار الأسبوع . . .
و تعاشرهم و تختلط معهم في أسفار و رحلات عائلية و يكون هناك التكافؤ بين الجميع فيخلق بداخلنا الحب لهم الذي لا مفر لهم لأنهم قريبون منك و تعرفهم
على حقيقتهم و يملكون الأخلاق الطيبة و التعامل الجميل معاك و مع غيرهم . . .
فتنظر لهم نظرة إحترام و تقدير كبير لرقي التعامل . . .
لكن ! ! ! ! ! ! ! ! ! ! ( كل هؤلاء الأقارب طعنتهم بالظهر أشد آلاماً من طعنة السكين ) . . .
نعم ما أشدها من طعنات و أية طعنات إنها سهـــــام طعنــــــات قاتلــــــــة . . .
لكن ! ! ! ماهو العمل في ذلك . . .
هل تقف موقف المتفرج على خسارة حرب مع أعداء حتى لو كانوا من الأقارب . . .
لا و ألف لا ، بل كن لهم ( الأسد ) الذي يحافظ على عرشه بكل قوته ، و توضيح الأمر من كل جوانبه مهما كان الأمر و كلف من الوقت و الجهد لإيضاح الحقيقة و من ورائها . . .
و بذلك تنقذ بني بشر من أقاربك قد يطعنون من بعدك أشد من طعناتك و أشدها إيلاماً لهم . .
حتى تكون الحقيقة واضحة للجميع و تضع لهم حداً لكل من يتجرأ و يطعن بحقك و يحسبون لك ألف حساب في كل أمر يودون الخوض فيه معك أو مع غيرك بالمستقبل .
و أما الشق الثاني فقلت له :
الصديق هو من يحزن على حزنك و يفرح لفرحك و يوجهك لما هو خير لك و يخاصمك لما هو مصلحه لك هذا هو مفهوم الصداقه الحقيقي . . .
و الصداقة ثابته بكل الأزمان و بكل الأماكن . . .
و هناك مثال نعرفه جيداً و هو : ( رب أخ لم تلده أمك ) . . .
و الصديق يجرح في بعض الأحيان و لا يشعر بذلك بل يعتبر فعله هذا من باب المزاح مع صديقه و لا يضره بشيء . .
هناك يجب عليك توضيح الأمر و بأن كل كلماته جارحة بالنسبة لي كصديقاً لك فلا أسمح بتكرار ذلك . . .
نعم الحياة مليئة بالأمور التي تقلق الإنسان و تكدر خاطره و نفسيته فلا يجب علينا أن نهتم لكل صغيرة و كبيرة من
أجل بني بشر لم يعرفوا قيمة الإحترام و التقدير لك أو لغيرك . . .
بل نضع الأمور في نصابها الصحيح و نزن الأشياء بميزان الحق و الحقيقة الواضحة .
و منهم الصديق الذي لا يختلف عن بني البشر الأخرين بأمور خارقة أو شيء آخر .
بل تتعامل معه مثل تعامل الأخرين . . .
و أما الشق الثالث فقلت له :
إن الغريب ليس غريب الوطن او المكان ، بل الغريب غريب الأفعال و التصرفات . .
هناك غرباء في حياتنا لا نعرف لهم طريقاً معيناً في التواصل معهم لشدة غرابتهم و طباعهم مع بني البشر . . .
غريبون في كل أمورهم ، تشعر من تصرفاتهم بأنهم مخلوقات فضائية و غريبة الأطوار . . .
و المعنى يكون : المرء لا يكون غريباً إلا إذا كان دخيلاً على من حوله . . .
أو إذا كان من حوله دخلاء عليه . . .
أكانوا في غربتهم - غربة الزمان - أو دخلاء على زمانهم ؟
أم كان زمانهم هو الدخيل عليهم ؟ ؟ ؟
أعتقد أن لا معنى للسؤال طالما أن الغربة واحدة . . .
فهي غربة كغربة البداية . . .
و حياة الغرباء لها لذة عجيبة . . .
فهي تشعرك بالتميز عن بقية الناس . . .
حتى ولو كان هذا التميز بالألم و الوحدة . . .
و القليل من الغرباء هو من يترك أثراً فيمن حوله . . .
حتى و لو كان هذا الأثر بعد الرحيل و البعد عن الزمان أو المكان الذي يتواجد فيه . . .
هل عرفت الآن يا نفسي عما يدور في داخلي و كنت تبحث عن إجابات لكل
تساؤلاتك ووجدتها كاملة . . .
فهل هناك تساؤلات قادمة لك يا نفسي لتسألني عنها أم لا ! ! !
محمد الملحم
عاشق عيون الجواء