بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه قصة جميلة للشيخ((شالح بن هدلان))وولده ((ذيب))
نقلتها لكم من خلا مجلة الريان العدد السابع
:
ذات ليلية كان الأب الشيخ ((شالح بن هدلان)) ساهرا مع ابنه الفارس ((ذيب))،وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار فأنشده هذه الأبيات:
يا ذيب أنا يا بوك حالي تردى=وأنا عليك من المواجيب ياذيب
تكسب لي اللي لا قح(ن)عقب عدّا=طويلة النسنوس حرشا العراقيب
تجر ذيل(ن)مثل حبل المعدا=وتبري لحيران(ن)صغار(ن) حباحيب
واشري لك اللي ركضها ما تقدا =ما حد(ن)لقى فيها عيوب وعذاريب
قبا على خيل المعادي تحدى=مثل الفهد توثب عليهم تواثيب
أن اشهد انك باللوازم تسدا=لو حال من دونه عيال(ن) معاطيب
ليث(ن)على درب المراجل مقدى=ما فيك يا ذيب السبايا عذاريب
وبعد أن قال والده هذه الأبيات بطرقة المزاح،أسرها الابن ذيب في نفسه،وعندما نام والده واطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم،ذهب خفية وركب قلوصه وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه فشدوا وركبوا مع ذيب وعددهم لا يتجاوز الخمسة عشر شابا،وكلهم يأتمرون بأمر ذيب، وبعد ذلك سألوا ذيب :إلى أين نحن ذاهبون؟
فقال:إلى ديار القوم،وأشار إلى قبيلة عتيبه،لنكسب منهم إبلا لأهلنا ، وقال: لا بد أن آتي لوالدي من خيار إبل عتيبه و ستمروا في سيرهم،وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئرا في ديار عتيبة ليستقوا منها ماء ويسقوا رواحلهم وهذه البئر تسمى ((ملية)) وهي تقع غربا عن جبل ذهلان في أواسط نجد وعندما انحدروا إليها من جبل يطل عليها رأوا عليها وردا لعتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيلة بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه إلى الوادي الذي انحدر منه ذيب ورفاقه ، باحثا عن الصيد ، وعندما رأى ذيبا وجماعته تخفى تحت الشجرة وأطلق هليهم عيارا ناريا أراد الله أن يصيب ذيبا إصابة مميتة.
لقد حلة كارثة على أبيه الشيخ الطاعن بالسن ((شالح بن هدلان))، إنه فقد كل أمل في حياته ، فقد كل ركن على وجه الأرض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الابن البار ، فقد الابن المطيع ، خر ذيب صريعا الخيل وصهيلها وودع الإبل وحنينها ، ترك ذيب شالحا حزينا ، وودع قبيلته قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الأبطال ، وودع ذيب نجد ورياضها ..وودع غزلان الريم والأرنب وطير الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد انقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ ((شالح))بالحنان والبر والفضيلة التي ضربت أروع مثل بين الابناء والآباء.
بعد أن سقط ذيب على الأرض أناخ رفاقه وطاياهم وتسابقوا إليه وضموه إلى صدورهم ، فوجدوه جسما بلا حياة ، وانهالوا عليه بالقبل وودعوه بدموعهم الساخنة ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين إلى أهلهم .
أما الصياد الذي أطلق النار ، فقد ظل مختبئا تحت الشجرة ، إلى أن رأى الركب قد ولى ، فأتى إلى مكانهم ووجد الدم يخالطه ثم عمد إلى ذيب وهو بكهفه وعندما رآه ممدودا وجده شابا وسيم الطلع وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزه ، فرجع إلى جماعته الذين يستقون من البئر فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال إن ركبا من العدى انحدر من الوادي وبعد أن رآكم نكصوا راجعين واطلقت عليهم عيارا ناريا قتل منهم شخصا تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا:وما دلك على أنه زعيم؟، فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وإن في خنصره خاتما فضيا ، فقالوا:هيا بنا لنراه ،وكانوا من قبيلة ((برقا)) أحد جذمي عتيبة ، وكان معهم فتاة قد تم طرد أهلها منذ سنة إلى قبائل قحطان لأسباب حادثة وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيبا بالكهف ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها قائلة:ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان ، الذي كان بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا :ربما بينك وبينه صداقه ، ولهذا السبب صحت بأعلى صوتك ، فقالت:لا والله لم يكن بيني وبينه شيء من هذا ، ولكنه أكرمنا وأعزنا وأجارنا ، وكان لا يأتي من الفلاء إلا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده ، وعندما يقترب من بيوتنا يغض بصره إلى الأرض ، ثم يضع ما جاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بامرأة من جيرانه ، وهذه طريقته بالحياة وعليكم أن تسألوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيلة.
ما أكبر المصاب على شالح لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم وإن وقع نبأ مصرع ابنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولا شك أنه سيتجرع ويلات الحزن ومرارته ومآسي الفراق و لوعاته :
وإذا المنية أنشبت أظفارها ...ألفيت كل تميمة لا تنفع
إنها كارثة كبرى ليست على شالح فقط بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة قحطان ، وقد قال شالح أشعارا كثيرة بعد وفات ابنه ،وأول ما قال هذه القصيدة:
ياربعنا يالي على الفطّر الشيب=عز الله ضاع منكم وداعه
رحتوا على الطوعات مثل العياسيب=جيتوا وخليتوا لقلبي بضاعه
خليتوا النادر بدار الأجانيب=ضاقة بي الآفاق عقب اتساعه
تكدرن لي صافيات المشاريب=وبالعون شفت الذل عقب الشجاعة
يا ذيب أنا بوصيك لا تاكل الذيب=كم ليلة عشاك عقب المجاعه
كم ليلة عشاك حرش العراقيب=وكم شيخ قوم كزته لك ذراعه
كفه بعدوانه شنيع المضاريب=ويسقي عدوه بالوغى سم ساعه
ويضحك ليا صكت عليك المغاليب=ويلكد على جمع العدو بندفاعه
وبيته لجيرانه شيد على الطيب=وللضيف يبني في طويل الرفاعه
جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب=وافخت حبل الوصل عقب انقطاعه
كني بعد فقده بحامي اللواهيب=وكني غريب الدار مالي جماعه
من عقب ذيب الخيل عرج مهاليب=يااهل الرمك ماعاد فيهن طماعه
قالوا:تطيب،وقلت:وشلون ابا طيب=وطلبت من عند الكريم الشفاعه
ثم أردفها بقصيدة على نفس البحر والقافية وقال:
ذيب عوى وانا على صوته أجيب=ومن ونتي ضجت ضواري سباعه
عز الله اني جاهل ماعلم الغيب=والغيب يعلن به حفيظ الوداعه
يالله يارزاق عكف المخاليب=يا محصي خلقه ببحره وقاعه
تفرج لمن صابه جروح معاطيب=وقلبه من اللوعات غاد ولاعه
إن ضاق صدري لذت فوق المصاليب=مانيب من يشمت فعايل ذراعه
صار السبب مني على منقع الطيب=ونجمي طمن بالقاع عقب ارتفاعه
ياكثر ما هجيتهن مه لواهيب=ولاني برادي كسرها من ضلاعه
ويا كثر ما نوخنها تصرخ النيب=وزن البيوت اللي كبار رباعه
واضوي عليهم كنهم لي معازيب=إليا رمى زين الوسائد قناعه
اضوي عليهم واتخطى الأطاتيب=وآخذ مهاويه الجمل بندفاعه
ابنذر اللي من ربوعي يبا الطيب=لا ياخذ إلا من بيوت الشجاعه
يجي ولدها مذرب كنه الذيب=عز لبوه وكل ما قال طاعه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
فضلا لا أمرا حاولت أنسق القصائد وعجزت ولا أدري ويش العلة
فياليت واحد من المشرفين ينسقها
شالح بن هدلا..وقصته مع ((الذيب)) في قصائده..تفضلوا
العرض العادي
