في الصفحة 79 من كتاب رحلة في الجزيرة العربية الوسطى يقول مؤلف الكتاب شارل هوبير:
تابعنا سيرنا باتجاه الجنوب وصلنا في الواحدة من بعد الظهر إلى قصر رقية في وسط فوهة بركان يبلغ قطرها ميلين. مظهر هذا القصر المبني من الآجر جميل من الخارج ولكنه في الواقع مؤلف من جدران فقط تضم كوخين بائسين يبيت فيهما النواطير المزارعون.
البئر موجودة داخل القصر وهي من أجمل الآبار التي رأيتها في الشرق. لها فتحة تبلغ 24متراً مربعاً فيما يبلغ عمقها 22 متراً، حفرت الأمتار التسعة الأولى في الرمل والتراب بينما حفر الباقي في الحث. في السنوات الخيّرة ترتفع المياة عادة إلى 15 وحتى 20متراً ولكن بما أن المطر كان قليلاً في الشتاء المنصرم فإن مياه البئر منخفضة نسبياً. المياه تسحب من البئر بواسطة الجمال وفق العملية المتبعة في كل الجبل والقصيم ...انتهى.
كانت أولى زيارتنا لهذا المعلم في يوم الخميس 1-5-1431هـ الموافق 15-4-2010م بصحبة الرحال والصديق فهد الدوسري وكان لنا بعض المشاهدات.كما قمت بزيارتها مرتين لاحقتين بعد عدة أيام وذلك لاستكمال التحقيق.
- تبعد الصريف مسافة 40 كم عن بريدة وترتبط بخط اسفلتي كامل تقريباً ولايبعد عنها مجرى وادي الرمة سوى بضعة كيلومترات في الجزء الأخير منه، وأقرب النقاط إليه هي هجرة البندرية 7 كيلومترات تقريباً.
من النقاط المهمة والتي تستحق المراجعة في نص الرحالة هوبير :
- وجود القصر في فوهة بركان وهذا مناف للحقيقة، فالمنطقة تقع في طبقة رسوبية تحيط بها بعض التلال الرملية قليلة الإرتفاع. وهذه الملاحظة (الخاطئة) لشارل هوبير تكررت في أكثر من موقع وسأذكرها في تحقيقات لاحقة إن شاء الله.
- اتساع البئر كما شاهدتها لم تكن باطوال تسمح لها بأن تكون 24متراً مربعاً كما ذكرها الرحالة الفرنسي. فالفوهة التي شاهدتها لاتتعدى التسعة أمتار مربعة.مربعة.
- هوبير شاهدها كأجمل الآبار التي رآها في الشرق، أما أنا وأخي فهد الدوسري فشاهدناها كأقبح وأقذر الآبار التي رأيناها سواء شرقاً أو غرباً.
- أطلال القصر تبدو كما ذكرها الرحالة الفرنسي قد بنيت من الحصى والآجر ويبدو انه يتكون من عدة غرف وقد ألحق به غرفة في الجانب الغربي.
- تبدو البئر وكأنها دحل أو كهف من كهوف منطقة الصمان ولا أثر لحصى الطي ... ولعل جمال البئر كان في الحصى المقصب وقت زيارة الرحالة الفرنسي. فتهتك الطبقة الطينية الصلبة بفعل عوامل التعرية جعل من حوافها أغواراً خطرة تأكل بعضها، ومن المرجح ان الحصى قد انهار وفقدت البئر جمالها الذي ذكره هوبير.
- المنطقة مهجورة ولا أثر للزراعة ويبدو انها هجرت قبل أكثر من عقد أو أكثر.
- الماء لايبعد أكثر من مترين في البئر الرئيسية ومثله باقي الآبار ولعل جريان وادي الرمة في العام الماضي 1430هـ كان له دور رئيسي في ارتفاع المنسوب وكذلك هذه السنة كانت الأمطار غزيرة على المنطقة بشكل عام.
- ذكر الرحالة الفرنسي ان القصر هو قصر رقية وحالياً المنطقة تسمى عند عامة الناس بـ أثلة ميثاء ، حيث توجد الأثلة في الجهة الشرقية من الفيضة.
ومن النقاط الأخرى:
- أن الفيضة هذه تسمى فيضة حليتيتة حسب الخرائط المعتمدة.
- المنطقة تقع على درب الحاج البصري وهي متعشى الصريف ولازال يحمل اسمه منذ القدم وذكره ياقوت الحموي في معجمه. وغيره من البلدانيين.
وإليكم الصور مع بعض التعليقات وهي مشاهدات شخصية وصور تتكلم عن نفسها مع ملاحظة ان التعليق سيكون أعلى الصور:
خريطة تبين موقع الصريف حيث أنه يتوسط بين بريدة والطرفية وعين ابن فهيد والربيعية
صورة قوقل تبين المعالم المهمة في الفيضة ومن الواضح من الصورة عدم وجود أي دلائل على أنها في موقع بركاني.
صورة مقربة للقصر الرئيسي
وفي هذه الصورة مخطط تم محاكاته من الموقع على الطبيعة حسب اجتهادي الشخصي
صورة عامة للمكان وطبيعة وتضاريس الأرض ويتوسط الصورة القصر الرئيسي
احداثية القصر الأول وأعتقد أنه الرئيسي الذي ذكره الرحالة الفرنسي
N2633788
E4412447
وصورة أخرى لركامات القصر القديم والذي لم يبق منه إلا الأساسات
البئر (العظيمة) وهذا شكلها وقد غطيت بالحيوانات النافقة
مظهر غريب متكرر وهو رمي الحيوانات النافقة في الآبار.. الا يعلم هؤلاء خطورة الوضع فهي تؤثر على المياه الجوفية ناهيك عن ان البئر يمكن الإستفادة منها.
الماء وقد تحول إلى محلول كيميائي سام جداً ونـتــن الرائحة ويظهر تآكل الطبقة الجيرية التي تلي الطبقة الأولى العلوية
منظر للقصر القديم وتظهر الغرف الصغيرة جداً والتي لاتتعدى المترين×مترين ماعدا واحدة فقط
غرفة كبيرة نسبياً
لم يبق من القصر سوى الأساسات فقط.
وهذا المنظر يبين الغرف الملحقة في القصر فموقع السور الخارجي يوازي مكان السيارة والذي على يسار الصورة يبدو انه غرف تم إلحاقها بالقصر.
إرتفاع الجدران الموجودة حالياً بطول 40سم فقط.
صورة أخرى لبقايا القصر المبني من الحصى والآجر
القصر الثاني
N2633779
E4412365
ويقع غرب القصر الأول وبجانبه ثلاثة أبيار ، الغربية انظمرت وإلى الشرق منه تقع بئرين فيهما ماء وبهما آثار استخدام لمكائن استخراج الماء.
تبدو الجدران أكثر ارتفاعاً من القصر الأول لكنه أصغر حجماً.
البئر الشرقية للقصر الثاني ويظهر حوض بني من الاسمنت والحصى.
حالياً ليس به طي ويبدو كأنه كهف نظراً لتأثير عوامل التعرية عليه.
الفوهة كبيرة وخطرة نظراً لعدم وجود طي أو حواف صخرية.
يبدو ان الغار عميق جداً فلم أستطع رؤية نهايته.
لو كنت أعلم بأن البئر هكذا لكنت ابتعدت قليلاً خوفاً من انهيار البئر تحتي (عدسة ابو جراح)
البئر الأخرى تقع إلى الشرق من القصر وبها عدة حصى مقصب، ويبدو أنه انهار الحصى بفعل ليونة التربة وعدم استخدام البئر .
جانب آخر لنفس البئر.
للأسف أن البئر أصبحت مكب لنفايات الحيوانات النافقة.
أما البئر التي تقع غرب القصر الثاني فهي شبه مدفونة ولايتجاوز عمقها المترين وليس بها ماء.
شجر الهرم وشجر الحميض هو ما يزين هذه البئر المدفونة.
وإلى الجنوب من القصر الثاني تقع بئر بها نفس المواصفات التي في آبار المنطقة إلا أنها خلت من النفايات الحيوانية.
الفيضة تبدو جميلة اذا اتجهت شرقاً تخضر الأرض وتبدو الفيضة أكثر جمالاً بجمال اشجارها المتنوعة.
شجرة أثل تسمى حالياً أثلة ميثاء ولا أدري ما هو سر المسمى الأنثوي للأثلة والقصر وتظهر بعض الأشجار الصيفية التي ارتوت بمياه المطر هذا العام.
جانب آخر من الفيضة.
شجر الشفلح يكثر في الفيضة.
بعض الركامات لقصر آخر ثالث ولا يبدو منه إلا القليل ويوجد في شمال شرقي الفيضة وقد بني على أرض مرتفعة اتقاءاً لفيضان المياه وقت المطر.
مقبرتان كبيرتان ولعلهما آثار معركة الصريف
المقبرة الجنوبية
N2634413
E4413181
المقبرة الشمالية
N2634532
E4413099
تبعد المقبرتان عن بعضهما حوالي مائتان وستون متراً.
جانب للمقبرة الجنوبية وقد وضعت في مكان مرتفع عن الفيضة..
أشير هنا إلى أن معركة الصريف (وحسب المصادر التاريخية) دارت رحاها في هذا المكان تقريبا في عام 1318هـ .
أشكركم على قراءة هذه المشاركة وأتمنى أن تحوز على رضاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته